من المؤسف أن معظم من يجرون تحليل فيتامين د ليسوا في احتياج أساساً لهذا التحليل، كما أن أغلب من يتعاطون أقراص أو حقن فيتامين دال هم لا يحتاجون تلك الأقراص وهم يخسرون الوقت والمال فيما لا يفيد بحجة علاج نقص فيتامين د، وستعرفون الأسباب لاحقاً في هذا المقال.
موضوع نقص فيتامين د في السنوات الأخير أخذ زخماً مبالغاً فيه، وانتشرت عنه كمية رهيبة من المعلومات المغلوطة، وأعزى بعض الأطباء السبب في تلك الموجة إلى رغبة معامل التحاليل وشركات الأدوية في تنشيط بضائعهم.
لذلك فإن هذا المقال سنعرض فيها سريعاً معلومات موثقة عن حالات نقص فيتامين د وكيفية علاجها والجرعة الأفضل، مع بيان الخرافات المنتشرة وتصحيح المعلومات المغلوطة.
نبذة عن فيتامين د
هو أحد الفيتامينات المهمة التي ينتجها الجسم ويُخزّن داخل الأنسجة الدهنية، وبتم تصنيع فيتامين دال عبر اشتراك الكبد والكلى لإنتاج المادة الأولية منه والتي تنتقل إلى الجلد ليحدث التنشيط النهائي عبر الآشعة فوق البنفسجية بعد التعرض للشمس.
يحتاج الشخص العادي إلى التعرض لآشعة الشمس المباشرة لمدة 10-15 دقيقة يومياً حتى يتم تنشيط الكمية اللازمة من فيتامين د، ويلزم أن يكون التعرض للشمس في فترة الظهيرة، بالتحديد في الوقت بين الساعة 10-11 صباحاً حتى 2-3 عصراً.
هل فيتامين د موجود في الطعام؟
بالطبع، فيتامين د موجود في الكثير من المأكولات اليومية، لكن للأسف بكميات قليلة وفي كل الأحوال وبأي طريقة تحصل بها على فيتامين دال، فإنه يحتاج إلى التنشيط عبر الآشعة فوق البنفسجية (التعرض للشمس)، بالإضافة إلى سلامة كل من الكبد والكلى.
الوظيفة الأولى المؤكدة لفيتامين د هي تنشيط امتصاص الكالسيوم من الأمعاء ومعه الفوسفور ثم ترسيبهما في العظام، بالإضافة إلى تنشيط إعادة امتصاص الكالسيوم والفوسفور عبر الكلى.
هل فيتامين دال هو الوحيد المسئول عن تنظيم التمثيل الغذائي للكالسيوم؟
لا، بل يوجد نوعين من الهرمونات المسئولة عن تنظيم الكالسيوم في الدم بجتنب فيتامين د، وهي هرمون الغدة الجار-درقية (باراثورمون) وهرمون لُب الغدة الدرقية "كالسيتونين" المسئول عن تقليل نسبة الكالسيوم في الدم.
لماذا حدث اللغط وكثرت المعلومات المغلوطة إذن؟
تكمن المشكلة في أن العلماء اكتشفوا أن هناك مُستقبِلات خاصة بفيتامين د في معظم خلايا الجسم بعيداً عن المستقبِلات المعروفة في الأمعاء والعظام، من بين المُستقبِلات المكتشفة تلك الموجودة في خلايا المناعة وأيضاً خلايا العضلات وغيرها.
وجود تلك المُستقبِلات يعني أن لفيتامين د وظيفة ما في تلك الأنسجة، لكن للأسف لم تُكتشف حتى الآن.
بعض الباحثين والأطباء عندما أجروا التحاليل التشخيصية لمرضاهم في العديد من الأمراض لاحظوا وجود نقص في مستوى فيتامين د في الدم في الكثير من الحالات، فربطوا -بالخطأ- بين المرض ونقص الفيتامين ربط سببي، ووصفوا للمرضى علاج لنقص فيتامين د كجزء من علاج المرض الأصلي.
فهل نجح علاج فيتامين دال في معالجة المرض الأساسي؟ للأسف لم يحقق النتائج المرجوة على المدى الطويل، كما إنه حتى الآن لا توجد دراسات موثوقة تثبت أي دور لفيتامين د في علاج أي من الأمراض المعروفة مثل آلام المفاصل أو الذئبة الحمراء أو ضعف الاتزان أو ضعف العضلات أو التهاب المفاصل الروماتويدي ولا مرض كرونز والتهاب القولون التقرحي مثلاً.
الواقع أن نقص فيتامين دال المصاحب لتلك الأمراض أو غيرها قد يكون عرض جانبي أو استجابة تفاعلية وليس سبباً، ويمكن اعتباره مثل اختبار سرعة الترسيب التي يمكن أن ترتفع مع أي التهاب أو عدوى في الجسم ومع الأمراض الروماتيزمية مثلاً.
علاوة على ما سبق، فإن أغلب المرضى في الأمراض السابقة يكون من الصعب عليهم التعرض للشمس لفترات كافية وهذا سبب إضافي ينتج عنه نقص في كمية فيتامين "د" مصاخب لتلك الأمراض.
لماذا تم تعديل المستوى الطبيعي لفيتامين د في المعامل؟
هذه النقطة في غاية الأهمية للمساعدة على فهم اللغط الحادث حول فيتامين دال، فقد تم منذ سنوات تعديل القيم المرجعية للنسبة الطبيعية (المعدل الطبيعي) لفيتامين د في الدم لتصبح أعلى مما كان قبلها، وذلك بواسطة إحدى المنظمات الطبية الأمريكية.
سبب التعديل الذي استندوا عليه هو أن المعامل تستخدم طرقاً مختلفة لقياس مستوى الفيتامين في الدم، مما قد يؤدي إلى حدوث بعض الأخطاء في النتائج لذلك تم رفع قيمة النسبة الطبيعية من 20 إلى 30، لضمان أن من كان مستوى فيتامين د لديه أعلى من 30 فهو في المعدل الطبيعي.
وبالتالي، فقد تم تصنيف من هم بين 20 و30 نانوجرام/مل بوصف "عدم الكفاية".
لذلك فإننا لا ننصح بتعاطي علاج لنقص فيتامن دال إلا لمن هو تحت 20 نانوجرام/مل، أما من هم بين 20-30 فمن الأفضل نصحهم بالتعرض للشمس لفترات كافية مع تناول مأكولات غنية بفتامين د، باستثناء المرضى الذين لا يستطيعون التعرض للشمس لأي سبب.
ما أفضل جرعة علاج نقص فيتامين د؟
الشخص الطبيعي أو الذي لديه مستوى فيتامين دال فوق 20 نانوجرام/مل، ويصعب عليه التعرض للشمس، يحتاج إلى 400-800 وحدة فيتامين د في اليوم.
أما بالنسبة لمن يعانون نقصاً حقيقياً في نسبة فيتامين د، فيوصف لهم علاج بمقدار 2000 وحدة يومياً، ويمكن أن تصل إلى 5000 وحدة يومياً في مرضى هشاشة العظام.
بالنسبة لجرعة ال50 ألف وحدة كل أسبوع، لا ننصح بها وننصح بالجرعات اليومية، حيث توجد بعض الدراسات (وإن كانت ضعيفة) تربط بين تلك الجرعة الأسبوعية وحدوث اضطرابات في الاتزان وآلام في العضلات.
مدة العلاج يبجب ألا تزيد عن 8-12 أسبوعاً على أقصى تقدير.
مزيد من المعلومات من دكتور حمدي عبد العزيز، استشاري ومدرس أمراض الباطنة بجامعة ساوث ألاباما بالولايات المتحدة الأمريكية، في هذا الفيديو: