يبدأ الالتهاب بظهور منطقة متورمة ذات لون أحمر في الثدي مع شعور الأم بألم وقد يصاحبه أعراض جسدية عامة مثل الهمدان و"الشعور بتكسير في معظم الجسم"، وذلك غالباً بسبب ارتفاع درجة الحرارة.
هذا المقال هو شرح طبي دقيق ومفصل لحالة التهاب الثدي الناتج عن الرضاعة الطبيعية من حيث الأسباب والعوامل المهيِئة والأعراض والعلامات وطريقة الوقاية والخطوط العامة للعلاج.
الأسباب والعوامل المهيئة
البكتيريا المسببة:بكتيريا المكورات الذهبية (إيجابية التخثر)، ومؤخراً تزايدت الحالات الناتجة عن أنواع أخرى من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.
توجد أنواع أخرى من البكتيريا تسبب التهاب الثدي مثل:
- Streptococcus pyogenes: العقدية المقيحة
- Escherichia coli: الإشريكية القولونية
- Bacteroides species: أنواع الباكتيريدس
- coagulase-negative staphylococci: المكورات العنقودية سالبة التخثر
بكتيريا المكورات الذهبية تُسبب تجلط اللبن.
كيف تنتقل العدوى؟
- الانتشار المباشر (الطريق الرئيسي) من فم الرضيع من خلال تشققات الحلمة وفتحة القناة اللبنية.
- انتشار الدم (أقل شيوعًا) من بؤرة صديدية في مكان آخر بالجسم.
العوامل المهيئة:
- احتقان الحليب بسبب انسداد القنوات باللبن الكثيف والخلايا الميتة من الطبقة المخاطية.
- شقوق وتشققات الحلمة الناتجة عن الرضاعة. الحلمة المقلوبة أكثر عرضة للإصابة من قبل الطفل (الذي يحاول الإمساك بها).
- عدم الاهتمام بالنظافة الشخصية.
- سوء حالة الجهاز المناعي مثل حالات مرض السكري والمرضى الذين يتعاطون أدوية تحتوي كورتيزون لفترات طويلة.
كيف يحدث المرض؟
يحدث الالتهاب في أنسجة الثدي نتيجة ضعف تصريف اللبن ما يؤدي إلى ركوده، بالإضافة إلى إعطاء فرصة للبكتيريا للدخول إلى الأنسجة وبدء العدوى.
أسباب ركود اللبن وعدم تصريفه عديدة، منها أن تكون الأم مهملة ولا تلتزم بتكرار الإرضاع للمولود بالعدد الكافي من المرات، أو أن يكون إفراز اللبن لديها كثيفاً.
الفصام المبكر للرضيع وإصابة الأم أو الرضيع بالأمراض وانسداد القنوات اللبنية، كلها من الأسباب الأخرى المحتملة للركود.
هذا الركود يعطي فرصة كبيرة للبكتيريا لبدء العدوى، وتأتي البكتيريا غالباً من فم الرضيع أو من جلد الأم وتدخل عبر التشققات في الحلمات.
اختصاراً، يحدث الالتهاب والخراج بالشكل التالي:
احتقان الحليب >> عدم المعالجة بشكل جيد >> التهاب الثدي الحاد >> نخر البكتيريا >> خراج متعدد الحجرات.
احتقان الحليب >> عدم المعالجة بشكل جيد >> التهاب الثدي الحاد >> نخر البكتيريا >> خراج متعدد الحجرات.
الأعراض والعلامات
تنقسم الصورة الإكلينيكية لالتهاب الضرع إلى أربعة مراحل:
1. مرحلة احتقان الثدي
الأعراض:
- آلام خفيفة متواصلة.
- ارتفاع درجة الحرارة بنسبة معتدلة لكن الارتفاع يكون مستمراً.
العلامات:
- تصلب الثدي وزيادة حجمه (تورم) بدون علامات التهاب.
2. مرحلة التهاب النسيج الخلوي (التهاب الثدي)
الأعراض:
- تفاقم الألم في الثدي
- ارتفاع مستمر في درجة الحرارة.
العلامات:
- احمرار منتشر في الثدي كله وسخونة، وألم عند الفحص (علامات التهاب)
- تضخم العقد الليمفاوية، وتكون مؤلمة.
3. مرحلة الخراج الحاد
الأعراض:
- ألم نابض، قد تصفه بعض النساء ب"النقح" الشديد المستمر.
- إفرازات صديدية من الثدي (قيح).
العلامات:
- حمى شديدة (في الليل قد تصل إلى 40 درجة أو أكثر بسبب امتصاص السموم البكتيرية نتيجة توسع الأوعية الدموية).
- تورم وانتفاخ الجلد .
- عدم الاستجابة للعلاج الطبي. (استمرار العلامات والأعراض لأكثر من 5 أيام أو اضطراب جسدي عام شديد لأكثر من يومين بعد العلاج بالمضادات الحيوية الكاملة).
قاعدة طبية: لا تنتظر أبدًا "تجميع" خراج الثدي، يجب فتح الخراج وتصريفه بمجرد بداية تكوينه.
4. مرحلة الخراج المزمن
في هذه المرحلة يتحول الأمر إلى نوبات من التحسن ثم الانتكاس.
يكون الخراج على شكل تورم حساس مع مركز مرن (اختبار باجيت).
سيتم مناقشة التفاصيل الكاملة للخراج المزمن في الثدي بشكل منفصل في مقال آخر.
التشخيص التفريقي
يُقصد به التفريق بين هذا المرض والأمراض الأخرى التي تشبهه في الأعراض، وكيف يتأكد الطبيب من تشخيصه.
توجد حالتان مهمتان تشبهان في أعراضهما حالة التهاب الثدي الإرضاعي، هما:
- خراج الثدي الخلفي: ألم عند دفع الثدي وليس عند الفحص بكلتا اليدين.
- التهاب الثدي الخبيث: الجدول التالي يوضح الفرق بين الالتهاب الخبيث والالتهاب اللبني للثدي.
| الصفة | التهاب الثدي الإرضاعي الحاد | التهاب الثدي الخبيث |
|---|---|---|
| الأعراض العامة | ألم حاد ذو مسار سريع التفاقم | فقدان الشهية وفقدان الوزن |
| الأعراض المحلية | حمى، إعياء، صداع وفقدان شهية | غير موجودة |
| العلامات العامة | حمى عالية | حمى بسيطة، هزال |
| العلامات المحلية | علامات الالتهاب (تورم واحمرار، ..) | غير موجودة |
| العقد الليمفاوية الإبطية | متضخمة، مؤلمة، صلبة، متحرّكة | متضخمة، غير مؤلمة، صلبة، ثابتة |
| الجلد | عادي | أحمر غامق |
| المصير | يتأثر قطاع واحد من الثدي | أكثر من ثلث الثدي |
| إما أن يشفى بالمضادات الحيوية أو يتكون الخراج ويحتاج إلى الفتح والتفريغ | عدم الاستجابة للمضادات الحيوية لمدة أسبوع واحد هو دلالة على الحاجة إلى أخذ عينة |
الوقاية من التهاب الثدي النفاسي (العلاج الوقائي)
أ. خلال آخر شهرين من الحمل:
- تدليك الحلمة إذا لم تكن بارزة
- النظافة الجيدة للحلمة (يُنصح باستخدام بانثينول)
ب. بعد الولادة:
- تنظيف الحلمة بعد الرضاعة بقطعة قماش مبللة (خالية من الكحول)
- إذا كانت الحلمة متشققة، يجب دهنها بكريم مطهر
- إذا حدث احتقان الحليب، يجب التصريف باستخدام المضخة.
علاج التهاب الثدي
علاج التهاب الضرع يعتمد على المرحلة التي وصل إليها المرض. في حالة انتفاخ الثدي باللبن أو التهاب النسيج الخلوي، يمكن علاج الحالة بالمضادات الحيوية والكمادات الساخنة. ومع ذلك، إذا تطور المرض إلى مرحلة الخراج القيحية، يصبح العلاج الجراحي (شق وتصريف) ضروريًا.
1. قبل ظهور الخراج:
يجب إيقاف الإرضاع من الثدي الملتهب مع العلاج حسب المرحلة.
أ) انتفاخ الثدي باللبن: إفراغ الثدي باستخدام مضخة الثدي مع استخدام الكمادات الساخنة.
ب) الالتهاب الخلوي للثدي: كما هو موضح سابقاً مع استخدام المضادات الحيوية المضادة للبكتيريا العنقودية (فلوكساسلين أو أوجمنتين) والمسكنات.
إذا كان الطفل أكبر من 9 أشهر، فيجب نصح الأم بالفطام.
2. مرحلة الخراج (القيح/الصديد):
العلاج في هذه الحالة "جراحي" (فتح الخراج وتصريف الصديد):
بمجرد ظهور تجويف الصديد، يجب بدء التصريف.
خطوات الشق والتصريف:
- التخدير العام.
- الشق: شق تفرعي للجلد، لا يصل إلى الهالة.
- إذا كان الخراج صغيرًا، يمكن استخدام شق محيطي للهالة لأغراض تجميلية.
- قد يلزم إجراء شق مضاد لترك أداة تصريف (إذا كان الخراج كبيرًا وفي منطقة غير معتمدة).
- يجب استخدام الإصبع لتكسير حواجز الخراج.
3. بعد الفتح والتصريف:
المضادات الحيوية: يجب استخدام المضادات الحيوية لمدة 10-14 يومًا.
الصرف: يجب ترك أداة الصرف لمدة 24-48 ساعة.
الكمادات الساخنة: يمكن استخدام الكمادات الساخنة لتخفيف الألم والالتهاب.
4. المتابعة:
يجب مراقبة المريض عن كثب للتأكد من عدم وجود مضاعفات.
هل نفطم الطفل أم لا؟
يوجد الكثير من الجدال العلمي حول ضرورة الفطام، ولكن المنهج المعقول هو:
- إذا كان عمر الطفل أكثر من 9 أشهر: توقف عن الرضاعة الطبيعية وإعطاء بارلوديل 2.5 ملغ مرتين في اليوم. ابدأ بجرعة منخفضة ثم زدها تدريجياً.
- إذا كان عمر الطفل أقل من 9 أشهر: استمر في الرضاعة من الثدي السليم وتصريف الثدي المصاب بمضخة.
المراجع: