الصفحة الرئيسية

الرنح والاختلاج الحركي: أسباب وأعراض وعلاج

مرض الرنح أو في لفظ آخر "الاختلاج الحركي" (بالإنجليزية: Ataxia) هو فقدان أو ضعف التحكم في العضلات مما ينتج عنه حركات جسدية غير متناسقة وتبدو "خرقاء".

ينتج عن هذا المرض اضطرابات حركية تؤدي إلى صعوبات في المشي وضعف في الاتزان مع عدم تناسق في حركات اليدين بالإضافة إلى مشاكل في الكلام وفي البلع وحركة العينين.
الرنح والاختلاج الحركي

ينشأ مرض الرنح نتيجة عُطب يصيب المخيخ (العضو المسئول عن التناسق الحركي) وتوصيلاته العصبية، أو عُطب يصيب مستقبلات أو مسارات الإشارات العصبية المسئولة عن تناسق الحركة والاتزان.

أعراض الرنَح

يمكن أن تظهر أعراض اختلاج الحركة تدريجياً على فترة طويلة، ويمكن أن تظهر فجأةً.

الرنح هو علامة على العديد من الاضطرابات العصبية، ويمكن أن تنتج عنه الأعراض التالية:

  • ضعف أو فقدان التناسق الحركي لليدين، بمعنى عدم القدرة على إجراء حركات سليمة، فمثلاً إذا أراد الشخص تحريك إحدى يديه لمسك كوب ماء فإنه قد لا يستطيع توجيهها.
  • اضطراب المشية: لا يستطيع المريض المحافظة على تناسق حركات قدميه ويميل إلى الوقوع، لذلك قد يمشي وساقيه مفتوحتان عرضياً.
مشية الرنح
مشية الترنح أو الاختلاج الحركي

  • ضعف الاتزان والميل للدوار أو السقوط
  • صعوبة في تناول الطعام أو الشراب أو الكتابة أو الأنشطة الأخرى بسبب عدم القدرة على توجيه حركات اليدين
  • صعوبة في البلع 
  • رأرأة العين وهو اضطراب حركة العينين حيث تظهر حركات لا إرادية لكرتي العين للأمام والخلف 
  • تلعثم أو ضعف القدرة على نطق الكلمات نتيجة ضعف التحكم في عضلات الوجه

توجد أعراض وعلامات أخرى يلاحظها الطبيب أثناء الكشف مثل الرعشات المتكررة في الأيدي وحركات العين الغريبة مثل التحليق في الفراغ.

الأسباب والعوامل المساعدة

كما ذكرنا آنفاً، فإن أي تلف يحدث في المخيخ أو الوصلات العصبية المغذية له، ينتج عنه الاختلاج الحركي (الرَنَح).

المخيخ هو عضو صغير يقع تحت قاعدة المخ ويرتبط بجزع المخ وهو مسئول عن التناسق الحركي والاتزان.
مكان المخيخ
مكان المخيخ (العضو المسئول عن التناسق الحركي والاتزان)


إذاً، ما الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى تلف المخيخ أو وصلاته العصبية؟

يمكن تقسيم الأسباب إلى "موروثة" و"مكتسبة"، وللأسف فقائمة الأسباب المكتسبة كبيرة جداً, وهي كما يلي:

  • الخمور: تعاطي المشروبات الكحولية لفترة طويلة يمكن ان يسبب رنحاً مزمناً، ويمكن أن يخف بعد التوقف عن تناول الخمور.
  • الأدوية: يعتبر الاختلاج الحركي أحد الأعراض الجانبية المحتملة لعدد من الأدوية مثل المهدئات والمنومات من مجموعة "فينوباربيتال" ومضادات الصرع مثل "فينايتوين" بالإضافة إلى بعض أدوية العلاج الكيماوي.
  • السموم: التعرض لجرعات سمية من بعض العناصر مثل الزئبق أو الرصاص وأيضاً المذيبات الكيميائية مثل مخففات مواد الطلاء والدهانات.
  • الفيتامينات: نقص فيتامينات "هـ" وب-1 وب-12 (الثيامين) يمكن أن يسبب الرنح، كما أن نقص أو زيادة فيتامين ب-6 يسبب الرنح.
من المهم مبدئياً البحث عن الفيتامينات الناقصة إذا كانت هي المسببة للاختلاج الحركي، ذلك أن تلك الحالة يمكن علاجها بسهولة وعادةً يُشفى المريض تماماً من الرنَح بعد تصحيح النقص.
  • اضطرابات الغدة الدرقية: خمول الغدة الدرقية وقصور الغدة الجار-درقية 
  • الجلطات: الرنح المفاجيء ينشأ بعد جلطة سواء ناتجة عن انسداد شريان أو نزيف في المخ أو المخيخ
  • مرض التصلب اللويحي المتعدد
  • بعض الأمراض المناعية مثل الساركويد والاضطرابات الهضمية والتهاب المخ
  • العدوى الفيروسية: في حالات قليلة يمكن أن يحدث الاختلاج الحركي نتيجة الإصابة ببعض الفيروسات في فترة الطفولة مثل فيروس الجدري وفيروس الإيدز، وهذا النوع يتحسن بمرور الوقت. مؤخراً أصبح فيروس كورونا (كوفيد-19) من الفيروسات المسببة للرنح.
  • خراج في المخ
  • إصابات المخ في الحوادث أو في الرياضات العنيفة
  • الشلل الدماغي
  • بعض الأورام السرطانية تحدث ضدها استجابة مناعية من الجسم ينتج عنها الرنح، ومن أبرزها أورام الرئتين والمبايض وسرطان الثدي والليمفوما. في هذه الحالات يظهر الرنح مبكراً قبل فترة طويلة من اكتشاف وتشخيص الورم السرطاني.

بعض الأشخاص في عمر أكبر من 50 عاماً يمكن أن يصابوا بالاختلاج الحركي كجزء من متلازمة "التلف المتعدد لأجهزة الجسم"، وهؤلاء المرضى يعانون أعراضاً أخرى مصاحبة لاختلاج الحركة مثل سلس البول وانخفاض ضغط الدم والإغماءات عند الوقوف بالإضافة إلى اضطرابات أثناء النوم تصل إلى حد الركل والصياح واللكم أثناء النوم.

الأسباب الوراثية

بعض أنواع الرنح تكون لها أسباب وراثية ناتجة عن طفرات في جينات معينة تجعل تلك الجينات تُنتج بروتينات غريبة تعوق عمل الخلايا العصبية في المخيخ.

يمكن أن يرث الابن تلك الجينات من الأب فقط أو من الأم فقط إذا كان الجين سائداً، أما إذا كان الجين متنحياً فيرثه من كلا الأبوين معاً، وفي تلك الحالة يكون الأبوان سليمين لكن الأبناء مصابون.

توجد تفاصيل كثيرة في الأسباب الوراثية وأنواعها، لكننا لن نخوض فيها لأنها لا تهم القاريء كثيراً ويهتم بها الأطباء فقط لأغراض بحثية.

التشخيص والعلاج

يبدأ تشخيص الرنح بتحليل الترايخ المرضي ثم الفحص السريري في العيادة، لكن الطبيب يمكن أن يطلب بعض الفحوصات لتحديد الأسباب وخصوصاً الأسباب القابلة للعلاج.

من بين الفحوصات التي يمكن أن يطلبها الطبيب ما يلي:

  • تحاليل الدم: مثل قياس نسبة الفيتامينات للوقوف على الأنواع الناقصة منها أو الزائدة عن الحد.
  • الآشعة: قد يطلب الطبيب آشعة رنين مغناطيسي على المخ لبيان حالة المخيخ الذي قد يبدو منكمشاً، كما إن الرنين يمكن أن يشخص اضطرابات أخرى قابلة للعلاج مثل الجلطات أو أورام المخ.
  • البذل الشوكي: في بعض الحالات يتم سحب عينة من السائل النخاعي عن طريق إبرة تدخل بين الفقرات القطنية، ثم يتم إرسال العينة للتحليل.
  • إذا شك الطبيب في الأسباب الوراثية، فق يطلب بعض التحاليل الخاصة بالجينات.

خيارات العلاج

الرنح مرض عصبي ناتج عن عطب في الخلايا العصبية، وبالتالي فهو حتى تلك اللحظة لا يوجد له علاج محدد للقضاء عليه نهائياً.

بعض الحالات يُمكن أن تُشفى نهائياً من الرنح إذا كان سببها قابلاً للعلاج ضمن القائمة التي شرحناها أعلاه مثل نقص الفيتامينات وأورام المخ المكتشفة مبكراً.

حالات الاختلاج الحركي الناتجة عن العدوى الفيروسية يمكن أن تُشفى تلقائياً بمرور الوقت.
مشاية لمريض الاختلاج الحركي
مشاية لمريض الاختلاج الحركي

توجد أجهزة تعويضية توصف للمرضى الذين لا يُرجى شفاؤهم في وقت قريب، وتشمل تلك الأجهزة المشايات الخاصة والأواني المعدلة للطعام بالإضافة إلى أدوات مساعدة على ضبط الكلام.
ملعقة خاصة لأكل مريض الرنح
ملعقة خاصة لأكل مريض الرنح، تثبّت نفسها حتى إذا اهتزت يد المريض

العلاج الطبيعي هو حل مُساعد لأنه يمكّن المريض من تحسين قدراته الحركية بمرور الوقت والتأقلم على وضعيات حركية معينة.

المراجع:
google-playkhamsatmostaqltradent