الصفحة الرئيسية

أسباب الدوخة عند الوقوف وعلامات الخطر والعلاج

في بعض الأشخاص -خاصة من كبار السن- ينخفض ​​ضغط الدم بشكل مفرط عند الجلوس أو الوقوف (وهو حالة تسمى انخفاض ضغط الدم الانتصابي أو المتعلق بوضعية الجسم بالإنجليزية: "Orthostatic or Postural hypotension"). 

تحدث أعراض الإغماء أو الدوخة وربما الدوار مع تشوش الرؤية في غضون ثوانٍ إلى بضع دقائق من الوقوف (خاصة بعد الاستلقاء في السرير أو الجلوس لفترة طويلة) وتزول بسرعة عندما يستلقي الشخص أو "يفرد ظهره على الأريكة مثلاً". 
أسباب وعلاج الدووخة عند الوقوف

ومع ذلك ، فإن بعض الأشخاص قد يسقطون أرضاً أو يفقدون وعيهم، أو في حالات نادرة جدًا ربما يصابون بنوبة صرع قصيرة. وتكون الأعراض غالباً أكثر حدةً وتفاقماً بعد ممارسة الرياضة أو تناول الكحوليات و/أو الوجبات الدسمة، أو في حالات النقص الحاد في سوائل الجسم (الجفاف).

يمكن أن يعاني بعض الأشخاص الأصغر سناً من أعراض مشابهة عند الوقوف لكن بدون انخفاض في ضغط الدم، فهم غالبا ما تزداد سرعة ضربات قلبهم أكثر من المعتاد عند الوقوف المفاجيء، لذلك تسمى هذه الحالة "متلازمة تسارع القلب الوضعي" (POTS). لا تزال أسباب شعور هؤلاء الأشخاص بالدوار على الرغم من ضغط الدم الطبيعي غير معروفة.

الأسباب 

تحدث الدوخة أو الدوار عند الوقوف كنتيجة لوجود اضطراب في تنظيم ضغط الدم. 
عادةً، عندما يقف الناس، تتسبب الجاذبية في تجمع الدم في الأوردة في الساقين والجذع. ويؤدي هذا التجمع إلى خفض ضغط الدم وكمية الدم التي يضخها القلب إلى الدماغ (المخ). 

يتسبب ضعف وقلة تدفق الدم إلى الدماغ في الدوار والأعراض الأخرى، وللتغلب على تلك المشكلة -في الأشخاص الطبيعيين- يُرسل الجهاز العصبي إشارات لزيادة سرعة ضربات القلب وتضييق الأوعية الدموية (عن طريق الانقباض)، مما يعيد ضغط الدم إلى طبيعته بسرعة قبل أن تتفاقم الأعراض. الجزء من الجهاز العصبي المسؤول عن هذه التعويض هو الجهاز العصبي اللاإرادي.

العديد من الاضطرابات وبعض الأمراض يمكن أن تمنع الجهاز العصبي من العمل بسرعة لضبط ضغط الدم، وبالتالي تظهر مشكلة الدوخة والدوار.

دعنا نشرح لك الأمر بطريقة مبسطة أكثر:

أولاً، من الناحية الفسيولوجية: عندما تقف، يقل مقدار الدم المتدفق إلى المخ بنسبة 20%; هذا طبيعي.

الآن تخيل أن هناك فقر دم (أنيميا)، أي أن قدرة الدم على حمل الأكسجين إلى المخ تقل عن الطبيعي، ماذا يمكن أن يحدث؟ 
مع نقص إمداد الدم سيحدث الدوار. تتناسب درجة الدوخة هذه طرديا مع نسبة الأنيميا.

ثانيًا، دعونا نتحدث عن انخفاض ضغط الدم الانتصابي. ما الذي يحدث فيها؟

يعتمد ضغط الدم في الجسم على ثلاثة عوامل:

  • اتساع الأوعية الدموية
  • حجم الدم
  • معدل ضربات القلب
عندما أقول أن الدم يتأثر بالجاذبية، فإن الجسم يحتاج إلى زيادة الضغط لتوصيل الدم إلى المخ. أسرع شيء يمكن أن يفعله هو انقباض الأوعية الدموية.

بعد ذلك، تشعر مستقبلات الضغط بأن الضغط منخفض، وتطلب من القلب زيادة ضرباته أيضًا.

ما الذي يحدث إذا لم يعمل هذا المكون الأسرع، أي إذا لم يحدث انقباض للأوعية الدموية؟

في هذه الحالة، سأشعر بالدوار الشديد أو الإغماء حتى تشعر مستقبلات الضغط بالموضوع وتطلب من القلب زيادة ضرباته لرفع الضغط، خلال هذه الفترة سأكون فاقدًا للوعي لأن المخ لا يصله دم.

متى تحدث مشكلة الانقباض هذه؟

في حالة تسمى خلل وظيفي تلقائي، أي أن الجهاز العصبي الطرفي معطل، مثل المرضى الذين يعانون من الشلل الرعاش.
أو إذا كان المريض يتناول أدوية تمنع الانقباض، مثل مضادات (البرازوسين والترازوسين مثلا)، التي تستخدم لعلاج تضخم البروستاتا.
ما الذي يمكن أن يحدث أيضًا؟

من الممكن أن تتقلص الأوعية الدموية جيدًا ويزيد نبض القلب، ولكن لا يوجد دم كافٍ لإمداد الجسم.

هذا ما يسمى بـ"الهبوط الحاد في الدورة الدموية"، أي انخفاض الضغط نتيجة لنقص حجم الدم.



من بين تلك الاضطرابات المتسببة في المشكلة ما يلي:

  • خلل في الجهاز العصبي اللاإرادي بسبب الاضطرابات أو الأدوية
  • انخفاض قدرة القلب على ضخ الدم بسبب ضعف قوة عضلة القلب مثلاً
  • نقص كمية الدم (الهبوط)
  • استجابات هرمونية خاطئة

تختلف الأسباب حسب ما إذا كانت الأعراض جديدة أم موجودة منذ فترة.

الأسباب الأكثر شيوعاً للدوخة عند الوقوف التي تظهر فجأة هي كما يلي:
  • انخفاض حجم الدم (كما قد ينتج عن الجفاف أو فقدان الدم بالنزيف)
  • الأدوية
  • الراحة في الفراش لفترات طويلة
  • قصور الغدة الكظرية (الغدة فوق الكلية)

الأسباب الأكثر شيوعاً للدوخة القديمة المستمرة منذ زمن طويل هي كما يلي:
  • التغيرات المرتبطة بالعمر في تنظيم ضغط الدم
  • الأدوية
  • خلل في الجهاز العصبي اللاإرادي

التشخيص الصحيح وتقييم الدوخة أو الدوار عند الوقوف


غالبًا ما يشعر الأشخاص الذين يصابون بالدوخة أو الدوار عند الوقوف بالتحسن بسرعة عندما يجلسون ثم يقفون ببطء مرة أخرى. ومع ذلك، من المهم عادةً تحديد سبب تلك الدوخة. 

يمكن أن تساعد المعلومات التالية الأشخاص في تحديد موعد زيارة الطبيب ومساعدتهم على معرفة ما يمكن توقعه أثناء التقييم.

علامات الخطر والقلق

في الأشخاص الذين يشعرون بالدوخة أو الدوار عند الوقوف هناك بعض الأعراض والعلامات التي تدعو للقلق وهي تشمل ما يلي:

  • ظهور دم في البراز أو تحول البراز إلى اللون الأسود القاتم
  • أعراض عصبية مثل صعوبة المشي و/أو ضعف الاتزان
  • السقوط أرضاً أو الإغماء
  • ألم أو عدم ارتياح في الصدر

متى يجب زيارة الطبيب


يجب على الأشخاص الذين لديهم علامات خطورة مما سبق ذكره زيارة قسم الطوارئ في أقرب مستشفى على الفور.
يجب على الأشخاص الآخرين الذين يعانون من نوبات متكررة أو مستمرة من الدوخة عند الوقوف استشارة طبيب متخصص في الوقت المناسب. 

عادةً ما يكون تأخير أسبوع أو نحو ذلك غير ضار. 

يجب على الأشخاص الذين يعانون من نوبة عرضية فقط من الدوخة عند الوقوف الاتصال بطبيبهم، وسيقرر الطبيب ما إذا كانيلزم الفحص الفوري أم يمكن تأجيله وذلك اعتماداً على الأعراض الأخرى والتاريخ الطبي.

ماذا سيفعل الطبيب؟

يسأل الطبيب أولاً أسئلة عن أعراض الشخص وتاريخه الطبي، ثم يفحص الطبيب المريض سريرياً. 
ما يجده الطبيب أثناء الفحص السريري مع التاريخ المرضي غالباً ما يشير إلى سبب الدوخة ويحدد الاختبارات التي قد تكون ضرورية.

الأسئلة التي يُتوقع أن يسألها الطبيب تشمل:
  • كم من الوقت استمرت الدوخة؟
  • هل أصيب المريض بالإغماء أو السقوط أثناء نوبة الدوخة؟
  • ما إذا كان الشخص قد تعرض لظروف معروف أنها تسبب الدوخة (مثل النوم في الفراش لفترة طويلة أو فقدان السوائل لدرجة الجفاف)
  • هل المريض يعاني مرضاً أو اضطراباً يمكن أن يسبب الدوخة (مثل مرض السكري أو مرض باركنسون أو السرطان)؟
  • هل الشخص يتناول علاجاً يمكن أن يسبب الدوخة (مثل مضادات ارتفاع ضغط الدم)؟

بعد ذلك يقوم الطبيب بإجراء الفحص السريري، حيث يستلقي الشخص لمدة 5 دقائق ثم يأخذ الطبيب قياسات ضغط الدم ومعدل ضربات القلب.

يتم قياس ضغط الدم ومعدل ضربات القلب مرة أخرى بعد أن يقف الشخص أو يجلس لمدة دقيقة واحدة ومرة أخرى بعد الوقوف أو الجلوس لمدة 3 دقائق. 

من المهم إجراء فحص عصبي لاختبار القوة والإحساس وردود الفعل والاتزان والمشي.

متى يطلب الطبيب فحوصات لتأكيد التشخيص؟

إذا لم يكن السبب واضحاً فعادة ما تكون هناك حاجة إلى بعض الفحوصات مثل رسم القلب الكهربي (ECG) وفحص تعداد الدم الكامل [صورة الدم]، واختبارات دم أخرى (على سبيل المثال ، قياس مستويات الصوديوم والبوتاسيوم). 

يتم طلب فحوصات أخرى بناءاً على ما يجده الطبيب أثناء الفحص، خاصةً إذا كانت أعراض الشخص تشير إلى مشكلة في القلب أو الأعصاب.

إذا اشتبه الطبيب في أن علاجاً ما هو سبب الدوخة  فقد يطلب من الشخص التوقف عن تناول هذا العلاج وملاحظة ما إذا كانت الدوخة ستتوقف أم لا، وبالتالي تأكيد السبب.

يمكن إجراء اختبار طاولة الميل عندما يشتبه الأطباء في خلل في الجهاز العصبي اللاإرادي، حيث يستلقي المريض على طاولة آلية خاصة لعدة دقائق، ثم يتم إمالة الطاولة بزاوية 60 درجة إلى 80 درجة لمدة 15 إلى 20 دقيقة بينما يتم مراقبة ضغط الدم ومعدل ضربات القلب باستمرار. 

إذا لم ينخفض ​​ضغط الدم ، يُعطى الشخص "أيزوبرينالين - isoprenaline" (دواء محفز للقلب) عن طريق الوريد بجرعة كبيرة بما يكفي لتسريع معدل ضربات القلب بمقدار 20 نبضة في الدقيقة، ويعاد إجراء الاختبار. 

تستغرق هذه العملية من 30 إلى 60 دقيقة وهي آمنة للغاية.

علاج الدوخة أو الدوار عند الوقوف

مبدئياً، يجب علاج أي أسباب ممكنة واضحة بما في ذلك تغيير أو إيقاف أي أدوية مسببة.
بعض الأسباب غير قابلة للعلاج أو على الأقل العلاج السريع ويجب على الناس اتخاذ إجراءات لتقليل أعراضهم. تشمل التدابير تغييرات في نمط الحياة والأدوية.

بالنسبة للمرضى الذين يتطلبون البقاء في الفراش لفترات طويلة أن يجلسوا كل يوم ويقوموا ببعض التمارين في الفراش إذا أمكن.

يجب على الأشخاص الذين يمكثون طويلاً في وضعية الجلوس أو الاستلقاء النهوض ببطء وحذر.

بشكل عام، من المفيد شرب كمية كافية من السوائل، وتجنب الكحوليات (الخمور) وممارسة الرياضة بانتظام عندما يكون ذلك ممكنًا.

تزيد التمارين الرياضية المعتدلة من قوة العضلات في جدران الأوعية الدموية، مما يقلل من تراكم الدم في الساقين. 

قد يساعد النوم مع رفع رأس السرير في تخفيف الأعراض. 

بالنسبة لبعض الأشخاص، قد يؤدي زيادة تناول الملح إلى زيادة احتباس الماء وتقليل الأعراض. قد يوصي الأطباء بزيادة تناول الملح عن طريق رش الملح على الطعام أو تناول أقراص كلوريد الصوديوم. ومع ذلك، لا يُنصح بزيادة تناول الملح للأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب.

قد يصف الأطباء عقار "فلودروكورتيزون" وهو دواء يساعد الجسم على الاحتفاظ بالملح والماء وبالتالي منع انخفاض ضغط الدم عند الوقوف، لكن يجب الحذر فقد يسبب هذا الدواء ارتفاع ضغط الدم عند الاستلقاء، وفشل القلب  وانخفاض مستويات البوتاسيوم في الدم. 

أحيانًا يجمع الأطباء بين بربرانولول وفلودروكورتيزون 

"ميدودرول" هو دواء يضيق كل من الشرايين والأوردة مما يساعد على منع تراكم الدم. تشمل الآثار الجانبية الوخز أو التنميل والحكة. لا ينصح بهذا الدواء للأشخاص الذين يعانون من مرض الشريان التاجي أو التهابات الأوعية الطرفية.

قد تساعد أدوية أخرى مثل "مضادات الالتهاب غير الستيرويدية - NSAIDs" و"دروكسيدوبا" و"بَيريدوستجمين"  وأوكتريوتيد في بعض الحالات.

احتياطات لكبار السن

تحدث الدوخة أو الدوار عند الوقوف في حوالي 20٪ من كبار السن وهو أكثر شيوعاً بين الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات أو أمراض مصاحبة خاصة ارتفاع ضغط الدم وبين المقيمين في وحدات الرعاية طويلة الأمد.
 
قد تحدث العديد من حالات السقوط أرضاً بسبب الدوخة عند الوقوف، يجب على كبار السن تجنب الوقوف لفترات طويلة.

يرجع الارتفاع في معدل الإصابة بين كبار السن إلى انخفاض استجابة المستقبلات التي تتحكم في ضغط الدم بالإضافة إلى زيادة صلابة جدار الشريان، مما يجعل من الصعب على الشرايين نقل المزيد من الدم لزيادة الضغط. 

يؤدي ضعف استجابة المستقبلات إلى تأخير الاستجابات الطبيعية للقلب والأوعية الدموية عند الوقوف. 

من المفارقات أن ارتفاع ضغط الدم، وهو أكثر شيوعًا بين كبار السن، قد يساهم في ضعف حساسية المستقبلات مما يزيد من احتمالية التعرض للدوخة عند الوقوف.

الملخص وأهم النقاط الرئيسية

  • تتمثل الدوخة أو الدوار عند الوقوف عادةً في انخفاض حجم سوائل الجسم أو خلل في الجهاز العصبي اللاإرادي.
  • غالبا ما يتسبب التقدم في العمر في حدوث خلل في الجهاز العصبي اللاإرادي إلى حد ما ولكن يقوم الأطباء بفحص جميع الأشخاص المصابين للتأكد من عدم وجود اضطرابات في الجهاز العصبي.
  • يعد اختبار طاولة الميل اختباراً شائعاً لوظائف الجهاز العصبي اللاإرادي.
  • يتضمن العلاج تدابير جسدية للحد من تجمع الدم في الأوردة وممارسة الرياضة بانتظام وأحيانًا زيادة تناول المملحات، بالإضافة إلى بعض الأدوية في حالات معينة.
google-playkhamsatmostaqltradent