تسرب السائل النخاعي من الأنف | أسباب، أعراض، علاج

ما هو السائل النخاعي؟ بالإنجليزية "Cerebro-spinal Fluid" وتُكتب اختصاراً "CSF" (أو الشوكي الدماغي) هو عبارة عن سائل أبيض شفاف يتواجد محيطاً بالمخ والحبل الشوكي، ويملأ بطينات المخ (الفراغات داخل المخ)، وهو يعمل كوسادة للمخ لحمايته من الإصابات بالإضافة إلى وظيفته في نقل التغذية وإزالة النفايات.

نزول السائل من الأنف أو الأذن يشير إلى وجود مشكلة وأضرار تسببت في وجود مخرج أو طريق بسبب خلل في الأغشية السحائية المحيطة بالمخ والحبل الشوكي، وتسرب السائل النخاعي يُعتبر حالة طواريء ويجب التعامل معه على الفور بواسطة الطبيب المختص في المستشفى.

تسرب السائل النخاعي
ما وصف وشكل ولون السائل النخاعي؟

يتكون السائل النخاعي في بطينات المخ بواسطة الضفيرة المشيمية (Choroid plexus) ويُعاد امتصاصه في مجرى الدم، ويتميز بما يلي:
  • عبارة عن سائل شفاف صاف مثل الماء، لا لون له، لكن له طعم لاذع.
  • يحتوي السائل النخاعي على كميات صغيرة من السكر والبروتينات.
  • لا يسبب تصلب وتيبس المناديل الورقية مثلما يفعل المخاط الأنفي المعتاد، وهذا هو الفرق بين السائل النخاعي والمخاط بالإضافة إلى التركيبة الكيميائية التي يكشفها التحليل الدقيق بالأجهزة فقط.
  • إذا تغير لون السائل النخاعي الشوكي أو قوامه، فإن هذا يعني وجود التهاب أو عدوى في المخ أو الحبل الشوكي كما بالصورة.

شكل السائل النخاعي

كيف يتسرب السائل النخاعي؟

يحدث تسرب السائل النخاعي عندما يظهر ثقب أو شق في في الطبقة الخارجية من الأغشية السحائية المغطية للمخ وهي تسمى "الأم الجافية" ما يسمح للسائل بالخروج خارج مساره.

تسرب السائل يؤدي إلى نقصان كمية السائل المدعمة للمخ وبالتالي يفقد المخ "المخدة" التي تسنده وتحميه فيتغير وضعه الفيزيائي مما يؤدي إلى شعور المريض بصداع شديد، هذا بالإضافة إلى انخفاض ضغط السائل المخي.

يمكن أن يحدث تسرب السائل النخاعي في أي جزء من المخ (في الجمجمة) أو أي جزء من الحبل الشوكي (في العمود الفقري).

يعتبر تسرب السائل النخاعي عموماً مرضاً نادراً، وهو حسب التقديرات الأمريكية يُصيب 5 أشخاص من كل 100 ألف شخص، لكن تقول الأبحاث أن الرقم الحقيقي أكبر من ذلك بسبب عدم تشخيص كل الحالات، وهو يُصيب الشباب فعمر 30-40 عاماً.

ما أسباب تسرب السائل النخاعي من الأنف؟

العديد من حالات تسرب السائل النخاعي سواء من الأنف أو الأذن تكون بلا سبب واضح، أما الحالات التي يكون لها سبب فهو يكون أحد الأسباب التالية:
  • ابتلاء خلقي: خلل جيني أدى لوجود ثقب في مقدمة قاع الجمجمة، قد يصاحبه فتاق (قيلة) سحائية
  • إصابات الحوادث: 90% من حالات تسرب السائل النخاعي يكون سببها حادث أدى في الغالب إلى كسر في قاع الجمجمة
  • الجراحة: أثناء عمليات الجيوب الأنفية بالمنظار مثلاً
  • التهابات: سواء التهابات الفك العلوي أو مرض الزهري عموماً
  • أورام: كما في حالات سرطان الأنف
  • مجهول السبب: ربما بسبب ارتفاع ضغط السائل الشوكي
  • إجراء بذل قطني (سحب سائل أو حقن مادة بين الفقرات القطنية)
  • التخدير فوق الجافية الذي يستعمل أثناء عمليات الولادة ويستخدم أيضاً لتسكين الألم في الحالات الصعبة
  • استسقاء المخ بسبب ارتفاع ضغط السائل النخاعي
  • بعض أمراض النسيج الضام مثل متلازمة مارفان

هل يوجد أشخاص أكثر عُرضة لتسرب السائل النخاعي من غيرهم؟

تسرب السائل النخاعي هو مرض نادر في الأساس، وهو يمكن أن يحدث لأي شخص لكن هناك بعض العوامل المهيئة التي تجعل شخصاً اكثر عرضة للإصابة به من غيره، تشمل تلك العوامل ما يلي:

  • التعرض لعمليات جراحية سابقة سواء في الجمجمة، المخ أو الحبل الشوكي (العمود الفقري)
  • وجود امراض النسيج الضام مثل متلازمة مارفان ومتلازمة "إهلرز-دانلوز"
  • السمنة (زيادة الوزن)
  • الأشخاص الذين يعانون توقف النفَس أثناء النوم اكثر عرضة لتسرب السائل النخاعي من غيرهم
  • الإصابة بجروح في الرأس نتيجة حادث أو مشاجرة أو ما شابه
  • وجود أورام حميدة أو سرطانية في قاع الجمجمة
  • الابتلاءات الخلقية في الجمجمة

ما أعراض نزول السائل النخاعي من الأنف؟

يُعتبر الصداع هو العرَض الأهم والأكثر شيوعاً لحالات تسرب ونزول السائل النخاعي، وقد شرحنا كيفية حدوث الصداع أعلاه.
من المهم التركيز في الأعراض ومعرفة الطريقة التي يُمكن بها تمييز السائل النخاعي، ومعرفة خواصه، بالإضافة إلى تمييز الأعراض التالية:
  • نزول سائل مائي صافي له مذاق مملح من أحد المنخرين (جانب واحد من الأنف) وتزيد كميته في حالات الحزق أو الكحة أو الانحناء للأمام.
  • من خواص هذا السائل أنه لا يسبب تصلب وتيبس المناديل الورقية مثلما يفعل المخاط الأنفي المعتاد.
  • صداع شديد: نتيجة انخفاض أو ارتفاع ضغط السائل النخاعي
الصداع هو العرَض الكثر شيوعاً ويتميز بأنه صداع في مؤخرة الرأس، يتحسن بالرقود والاستلقاء وتزداد شدته مع الوقوف قائماً، كما يسوء الصداع مع الحزق او الكحة (الحركات التي ترفع ضغط البطن وأيضاً ضغط السائل النخاعي)، وفي حالات نادرة، يحدث الصداع فجأةً ويسمى "صداع البرق".
  • غثيان شديد ورغبة في القيء
  • دوخة مستمرة وتشوش رؤية العين
  • تزايد حساسية العين للضوء
  • تنميل وضعف الإحساس في الوجه
  • تكرار "الدوار" عند إمالة الرأس لأسفل، حيث يشعر المريض وكأن الأرض تدور حوله ولا يستطيع ضبط توازنه عند الوقوف، قد يستمر الدوار لمدة 5 دقائق قبل أن يعود المريض لحالته الطبيعية.
  • بعض الاضطرابات الهرمونية في الحالات المتأخرة
  • طنين في الأذن (وش)
  • تغيرات في جودة السمع وقد تصل إلى حد فقدان السمع

علامات تسرب سائل النخاع

  • في الغالب لا يجد الطبيب علامات كثيرة أثناء الفحص.
  • نادراً ما يُشاهد الطبيب السائل النخاعي ينزل أمامه، ويحدث أن يراه إذا طلب من المريض الانحناء للأمام والضغط على رقبته من الناحية المماثلة للمنخر الذي ينزف، حيث يغلق الوريد الوداجي ويرفع الضغط داخل النخاع والمخ.
  • علامة "هالو": هي علامة مهمة وحيوية في تشخيص تسرب السائل النخاعي، وهي عبارة عن حلقة صافية تُحيط ببقعة مركزية حمراء (دم) إذا ما تم وضع افرازات الأنف على منديل ورقي أو فوطة، وهذا السائل لا يُسبب تيبّس المنديل، ويمكن إجراء الاختبار للمصابين في الحوادث حال وجود شك.
  • يجب ملاحظة أن الدموع وكذلك اللعاب يمكن أن يتسببا في نتيجة خطأ لاختبار "هالو".
  • فحص الأنف بالمنظار يكشف وجود التسرب وما إن كان يصاحبه "قيلة سحائية" أو "قيلة دماغية".

الفحوصات المطلوبة لتأكيد التشخيص

أ. فحوصات كيميائية

  • شرائط اختبار أوكسيديز الجلوكوز.
  • اختبار Beta-2 transferrin.
  • اختبار Beta-trace protein
بعض هذه الاختبارات غير موجودة في بعض الدول العربية لكنها متاحة في الكثير من الدول الأجنبية، بل أغلبها

بـ. فحوصات لتحديد مكان التسرب

  • آشعة مقطعية على الأنف والجيوب الأنفية وقاع الجمجمة.
    آشعة-مقطعية-تسرب-السائل-النخاعي
    آشعة مقطعية لحالة تسرب السائل النخاعي

  • آشعة مقطعية بالصبغة (CT cisternography).
  • رنين مغناطيسي لى الأنف والجيوب الأنفية وقاع الجمجمة وهو يعطي فكرة ممتازة عن مكان التسرب حيث يظهر السائل في الآشعة كمنطقة عالية الكثافة.

مضاعفات تسرب السائل النخاعي

إ>ا لم يبدا علاج تسرب السائل النخاعي في الوقت المناسب، فإن المضلعفات التالية يمكن أن تحدث:
  • التهاب الأغشية السحائية
  • فتق مخي  "قيلة" دماغية
  • تسرب الهواء والغازات لداخل الجمجمة

علاج تسرب السائل النخاعي

يوجد خياران لعلاج تسرب السائل النخاعي من الأنف أو من الأذن، هما خيار العلاج التحفظي (يعني بدون تدخلات جراحية) والعلاج الجراحي.

الكثير من حالات تسرب سائل الدماغ تتحسن بالعلاج التحفظي بالأدوية مع الراحة في السرير واتباع تعليمات الطبيب فقط.

أ. علاج نزول السائل النخاعي بالطريقة التحفظية:

المقصود بالعلاج التحفظي هو تجنب التدخل الجراحي وجعله الخيار الأخير، وهو كالتالي:
  • راحة تامة في الفراش مع رفع الرأس (مخدات عالية)
  • تجنب نفخ الأنف أو الحزق لأي سبب
  • تجنب تناول الأدوية التي توضع داخل الأنف (البخاخات ونقط الأنف)
  • مضادات حيوية وقائية
  • أحياناً يُنصح بعمل بزل قطني أو حتى تصريف قطني
مدة علاج تسرب السائل النخاعي من الأنف بالطريقة المتحفظة تستمر حوالي ثلاثة أسابيع.

بـ. العلاج بالجراحة:

  • يتم اللجوء للجراحة حال فشل العلاج التحفظي بعد مرور 3 أسابيع أو في حال حدوث مضاعفات من المذكورة بالأعلى.
  • يتم ترقيع الثقب بواسطة لفافة أو جزء من عضلة أو قطعة من غشاء مبطن أو خلافه.
  • تُجرى الجراحة إما عبر فتح الجمجمة (من الخارج) أو عبر مناظير الأنف (من الداخل).

خيارات أخرى لعلاج تسرب النخاعي

توجد بعض الخيارات التدخلية لكن بدون جراحة، وهي أقل تكلفةً وأكثر راحةً للمريض، وتشمل:

  • ترقيع الأم الجافية بالدم: تعتمد فكرة هذه الطريقة على أخذ عينة من دم المريض ثم إعادة حقنها في القناة الشوكية داخل العمود الفقري، خلايا الدم في العينة ستتجلط وتكون سدادة (رقعة) تغطي المنطقة التي يتسرب منها السائل الدماغي.
ترقيع الأم الجافية بجلطة دموية لعلاج تسرب السائل النخاعي
ترقيع الأم الجافية بجلطة دموية لعلاج تسرب السائل النخاعي

  • مانع التسرب: في هذه الطريقة يُستخدم مانع صناعي للتسرب وفي الغالب يتم دمج هذه الطريقة مع طريقة الترقيع المشروحة أعلاه لتحقيق أفضل نتيجة.
  • الانصمام عبر الوريد: (Trans-venous embolization) هذا هو أحدث أسلوب لعلاج تسرب السائل النخاعي وهو الأقل تدخلاً وفيه يتم إدخال قسطرة واستعمالها للصق الثقب المتسبب في التسريب وإغلاقه نهائياً.

تكلفة عملية تسرب السائل النخاعي

تختلف تكلفة الجراحة من بلد إلى آخر، وتُحسب بناءاً على تكلفة المكان الذي ستُجرى فيه العملية (مستشفى أو مركز طبي)، وبناءاً على المستلزمات وأجور المساعدين.

لحجز موعد في عيادة دكتور طارق الجرف، استشاري جراحة ومناظير الأنف والأذن والحنجرة، ومدرس المادة بكلية طب قصر العيني، ولمعرفة تكلفة العملية يُرجى الاتصال أو التواصل عبر واتساب على الرقم التالي: 01110902919 مع إضافة كود الدولة "مصر" +2.

بعض الأمراض المشابهة لتسرب السائل النخاعي وقد يُخلط التشخيص بينهم

تم ترك هذه الجزئية لنهاية المقال لأنها تهم الأطباء المعالجين أكثر، لكننا آثرنا شرحها لمن يهتم بالثقافة الطبية.

بعض الأمراض تتشابه في الأعراض مع حالات تسرب السائل النخاعي حيث تشترك في نزول سائل شفاف من الأنف مع وجود صداع مستمر، وهي أمراض يجب استبعادها قبل تشخيص تسرب السائل، تلك الأمراض تشمل:


  • التهاب الأنف التحسسي (حساسية الأنف)
  • انخفاض ضغط المخ الحميد
  • حالات تشريح الشريان السباتي أو الشريان الفقري
  • حالات العدوى الفيروسية مثل نزلات البرد
  • التهاب الأغشية السحائية
  • صداع ما بعد الحوادث
  • الانخفاض التلقائي لضغط المخ
  • نزيف في المنطقة تحت العنكبوتية بالمخ
  • التهاب الأنف العصبي

الملخص والنقاط المهمة

  1. تسرب السائل النخاعي هو حالة متوسطة نسبة الحدوث، وقد تكون نتيجة إصابة في حادث (90%) أو لأسباب أخرى.
  2. العمود الفقري للتشخيص هو تأكيد وجود سائل نخاعي خارج المخ، مع تحديد مكان خروجه بدقة.
  3. ضحايا الإصابات في الحوادث قد تلتئم الثقوب المُسربة للسائل تلقائياً، وإلا فالتدخل الجراحي بالمنظار هو الحل والاختيار الأقرب.
يُرجى العلم أن تسرب السائل النخاعي هو واحد من الحالات الخطيرة التي تتطلب استشارة الطبيب أو الذهاب إلى المستشفى وعدم الاعتماد على العلاج المنزلي أو المعلومات المغلوطة، شكراً لتفهمكم.

المراجع

Dr.Tamer Mobarak
Dr.Tamer Mobarak
طبيب بشري | مستشفيات قصر العيني التعليمي | جامعة القاهرة
تعليقات