السبب الأشهر لزيادة دهون الكبد هو شرب الخمور (المشروبات الكحولية) لدرجة أنه يوجد تصنيف طبي يقسّم دهون الكبد إلى "كحولية" و"غير كحولية".
وفي هذا المقال سنركز على النوع "غير الكحولي" نظراً لأنه الأكثر انتشاراً في بلادنا العربية، كما إنه في حالات قليلة منه يمكن أن يتحول إلى التهاب كبدي دهني ويمكن أن يتحول الالتهاب إلى تليف يؤدي إلى فشل وظائف الكبد.
الأسباب والعوامل المساعدة
لم يتوصل الباحثون إلى السبب الحقيقي الذي يجعل أجسام بعض الناس تراكم الدهون في الكبد بينما البعض الآخر لا.
نفس الأمر بالنسبة للأسباب التي تجعل بعض الناس يتحول لديهم دهون الكبد إلى التهاب كبدي، فهذا غير معلوم السبب حتى هذه اللحظة.
فقط توجد بعض الروابط بين تراكم الدهون على الكبد وما يلي:
- السِمنة أو زيادة الوزن.
- مقاومة الإنسولين، والتي فيها تعجز الخلايا عن الاستفادة من الجلوكوز نتيجة مقاومتها لتأثير الإنسولين.
- ارتفاع تركيز الجلوكوز (السكر) في الدم إما في حالات ما قبل السكر أو في مرض السكر من النوع الثاني.
- ارتفاع تركيز الدهون الثلاثية في الدم، وأيضاً مستوى الكوليسترول الضار.
المشاكل الصحية السابقة يبدو أنها تعزز ترسيب الدهون في الكبد، ولدى بعض الناس يمكن أن تمثل تلك الدهون سموماً بالنسبة لخلايا الكبد فيحدث الالتهاب الكبدي.
العوامل المساعدة على تراكم الدهون في الكبد تشمل ما يلي:
- متلازمة اعتلال التمثيل الغذائي
- تراكم الدهون في منطقة البطن والخصر أو ما يعرف بـ "الكِرش"
- متلازمة تكيس المبايض
- متلازمة توقف النفَس أثناء النوم
- النوع الثاني من مرض السكر
- قصور/كسل الغدة الدرقية
- قصور الغدة النخامية
- التقدم في العمر
شكل دهون الكبد تحت المجهر |
الأعراض والعلامات
عادةً، لا تظهر أعراض ولا علامات على مرضى تراكم دهون الكبد طالما لم تحدث مضاعفات.
في حالات قليلة تظهر أعراض الإجهاد المزمن (التعب أو الخمول)، مع شعور بالألم أو عدم الارتياح في أعلى يمين البطن.
أما إذا حدثت مضاعفات مثل التهاب الكبد الدهني الذي يمكن أن يتحول مع الوقت إلى تليف في الكبد، فإن الأعراض التالية يمكن أن تظهر على المريض.
- تورم في البطن من أعلى اليمين (أو ظهور كتلة صغيرة غير واضحة المعالم فيها)
- استسقاء
- تضخم الأوعية الدموية الموجودة أسفل الجلد (العروق)
- تضخم الطحال
- احمرار بطن اليد
- الصفراء: اصفرار الجلد واصفرار بياض العين
المضاعفات المحتملة
المضاعف الأهم والأخطر لتراكم دهون الكبد هو "التليف" قولاً واحداً، وهو مرحلة متقدمة من أمراض الكبد يحدث فيها تغيير في أنسجتها لتصبح غير قادرة على أداء وظيفتها.
وينشأ "تليف الكبد" نتيجة لوجود التهاب مزمن فيه، فعندما يحاول الكبد محاصرة الالتهاب فإنه يكوّن مناطق من الندبات حوله وكلما زاد الالتهاب، زادت مساحة الندبات (التليف).
إذا لم يتم إيقاف تقدم التليف، فإنه يؤدي إلى ما يلي:
- تراكم السوائل في البطن (الاستسقاء).
- انتفاخ وتورم الأوعية الدموية في المريء (دوالي المريء)، والتي يمكن أن تنفجر وتسبب نزيفاً هائلاً.
- اعتلال المخ الكبدي، وفيه يحدث تشوش في الإدراك، وتلعثم في الكلام وشبه غيبوبة.
- يمكن أن يتحول التليف إلى سرطان الكبد.
- فشل الكبد النهائي، عندما يتوقف الكبد عن أداء وظائفه تماماً.
شكل تليف الكبد |
حوالي 5-12% من مرضى التهاب الكبد الدهني يدخلون مرحلة "التليف".
كيف يمكن الوقاية من تراكم الدهون في الكبد؟
لتقليل احتمالية تراكم دهون بالكبد، يجب الالتزام بما يلي:
- تناول طعام صحي: يجب اختيار المأكولات الصحية الغنية بالخضروات والفواكه والحبوب، وعند تناول الدهون يجب أن تكوتن صحية طبيعية غير مهدرجة.
- المحافظة على الوزن: إذا كنت تعاني زيادة في الوزن، يجب الالترزام بنظام غذائي صارم حتى الوصول إلى الوزن المثالي، مع ضرورة المحافظة على هذا الوزن بالرياضة وغيرها من الأساليب.
- ممارسة الرياضة: من المهم ممارسة نوع واحد على الأقل من الرياضات حتى لو كان "المشي" يومياً لمدة ربع ساعة.
التشخيص والفحوصات
لأن معظم حالات دهون الكبد لا تظهر عليهم أعراض أو علامات، فإنه يُكتشف عادةً بالصدفة أثناء إجراء فحوصات أو كشف لمرض آخر.
الفحص الأولي الذي يكتشف تراكم الدهون على الكبد هو الموجات الصوتية على البطن (السونار).
لكن مع اكتشاف المرض، يلزم إجراء بعض التحاليل والفحوصات لتحديد مدى شدة وخطورة الحالة.
تشمل التحاليل ما يلي:
- صورة دم كاملة
- تحليل إنزيمات ووظائف الكبد
- تحاليل الفيروسات مثل فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي أ، ب أو ج
- اختبار فحص مرض الاضطرابات الهضمية
- تحليل السكر الصائم
- تحليل السكر التراكمي
- تحليل الكوليسترول والدهون الثلاثية
أما الآشعة والفحوصات الأخرى فتشمل ما يلي:
- آشعة بالموجات الصوتية على البطن (سونار بطن)
- آشعة مقطعية على البطن، في حال الشك في وجود التهاب أو تليف
- السونار المرن (Transient elastography) وهي تقنية حديثة لقياس مدى التليف في الكبد بدقة
- الرنين المغناطيسي المرن، وهو مزيج بين الرنين والسونار
- عينة الكبد: يتم أخذ عينة من نسيج الكبد في حال الشك في وجود ورم خبيث ناتج عن التليف المزمن.
خيارات العلاج، هل يمكن الشفاء من دهون الكبد؟
الخط الأول والأهم للعلاج هو "التخسيس"، حيث يوجهك الطبيب إلى فقدان الوزن عن طريق النظام الغذائي الصحي مع ممارسة الرياضة.
الهدف المبدئي يكون خسارة حوالي 10% من وزنك، لكن النتائج والتحسن يظهر حتى بعد فقدان 3-5% من الوزن فقط.
العمليات الجراحية للتخسيس مثل تكميم المعدة أو ما شابه يمكن أن تكون حلاً للأشخاص الذين يحتاجون إلى فقدان وزن كبير ولم يفلح معهم النظام الغذائي.
زراعة الكبد هو الحل النهائي لمن يعانون درجات متقدمة من التليف.
حتى الآن، لا توجد أدوية حصلت على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لعلاج تراكم الدهون في الكبد، لكن هناك دراسات على عدد من الأدوية ربما تظهر في المستقبل.
حلول الطب البديل
لم تتوصل الأبحاث إلى حلول بديلة لعلاج دهون الكبد حتى الآن، لكن الباحثون ينصحون ببعض المنتجات الطبيعية التي يمكن أن تساعد في تخفيف الحالة.
من ضمن تلك الحلول ما يلي:
فيتامين هـ (E)
تقول النظريات إن فيتامين "هـ" وبعض الفيتامينات الأخرى التي تعمل كمضادات للأكسدة يمكنها أن تحمي الكبد عن طريق معادلة آثار الالتهاب.
المشكلة إنه توجد بعض الأبحاث التي تربط بين فيتامين هـ وبعض أنواع الأورام الخبيثة مثل سرطان البروستاتا، كما تربط بينه وبين ارتفاع احتماليات الموت.
القهوة
بعض الأبحاث التي أجريت على عدد من مرضى تراكم دهون الكبد في الولايات المتحدة الأمريكية توصلت إلى نتيجة مفادها أن القهوة تساعد على تقليل أضرار الدهون على الكبد.
فقد وجدت الدراسة أن الذين يشربون كوباً أو اثنين من القهوة يومياً تحدث لديهم أضرار أقل وتليف أقل في الكبد من الذين لا يشربون أي كميات من القهوة.